الصراع على النفوذ بين الفضائل الشيعية مستمر منذ سقوط حكم صدام

الصراع على النفوذ بين الفضائل الشيعية مستمر منذ سقوط  حكم صدام
أفرزت الأزمات التي مر بها العراق في السنوات الأخيرة تصدعات وانقسامات كبيرة في صفوف القوى السياسية الشيعية وأجنحتها المسلحة، ورغم الهزات التي تعرضت لها العلاقات الشيعية – الشيعية بعد 2003، وتمثلت في صدامات مسلحة بين مليشياتها المختلفة، أو بين الجيش الحكومي والفصائل المسلحة الشيعية، كما حدث في (صولة الفرسان) عام 2008، إلا أن هذه القوى احتفظت بخيط رفيع من التنسيق والتواصل، كان يتمثل دائمًا في تحالفات انتخابية من أجل ضمان “الأغلبية السياسية” داخل مجلس النواب العراقي.

لكن سيطرة (تنظيم الدولة) على مساحات واسعة في البلاد في صيف عام 2014 ساهم في مزيد من شق صف هذه القوى، رغم ما بدا ظاهرًا من توحد لها تحت لافتة “الحشد الشعبي”، فقد سبق هذه الأحداث إرهاصات صراع عنيف بين كتلتي دولة القانون التي يرأسها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وكتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري، وشهدت تلك الفترة تراشقات في التصريحات واتهامات متبادلة حول المسؤولية عما آلت إليه أوضاع البلاد.

وتتسع هوة الخلافات بين الطرفين، بالإضافة إلى دخول أطراف أخرى في هذا النزاع، وانشطارات بدأت تتعرض لها الأحزاب الشيعية الكبيرة، فالمجلس الأعلى انقسم إلى جسمين رئيسين يحمل أحدهما الاسم الأصلي، فيما تحول الآخر إلى “تيار الحكمة” الذي يقوده الرئيس السابق للحزب عمار الحكيم، أما في صفوف حزب الدعوة فيتهامس الجميع عن نية رئيس الوزراء حيدر العبادي الانشقاق عن الحزب، وتكوين تيار جديد للدخول في الانتخابات، ربما يضم شخصيات سنية وليبرالية، من أجل تسويق نفسه “زعيمًا وطنيًا”.


“فصائل منفلتة”
وخلال مدة القتال مع (تنظيم الدولة) حاول مقاتلو التيار الصدري الذي ينتمون إلى ميليشيا “سرايا السلام” تمييز أنفسهم عن الفصائل الأخرى للحشد الشعبي، والمتهمة بارتكاب جرائم حرب وحشية ضد مدنيين، وحاول الصدريون الإشارة دائما إلى أنهم مختلفون عن الفصائل “غير المنضبطة”، والتي وجه لها زعيمهم انتقادات في مناسبات مختلفة.

ويقول القيادي في سرايا السلام (سالم عايش) في تصريح له: إن فصيله أثبت أنه على مستوى عال من الانضباط و”الوطنية”، واستطاع خلال فترة قتاله منع وقوع أي خروق طائفية بحق المدنيين، بل إنه حمى سكان العديد من المدن السنية كسامراء وغيرها، على حد قوله.

ويشير عايش إلى أنهم بريئون من الانتهاكات التي تقوم بها فصائل “منفلتة” مدعومة من بعض الأطراف السياسية التي تعتاش على الطائفية، وأنهم استطاعوا أن يكونوا “ملاذًا” للكثير من السنة، الذين تعرضوا لمضايقات على أساس طائفي، و”وَفَّروا لهم حماية من هؤلاء الطائفيين”.

وتسيطر سرايا السلام على مدينة سامراء وعدد من المناطق الأخرى، وتتحكم بمفاصلها الأمنية، وتنصب سيطرات على الطريق الرابط بين بغداد والموصل بالتعاون مع الجيش والشرطة الاتحادية، وأسهمت سيطرتهم على هذه المدينة في استمرار تدفق الزوار الشيعة عليها، للمشاركة في المناسبات الدينية المختلفة في مرقد “العسكريين” بالمدينة، كما أنهم يقومون برفع الرايات الطائفية في مختلف أحياء سامراء ذات الهوية السنية المطلقة، لكن السكان المحليين يقولون إنهم ربما يكونون “أقل سوءًا” من غيرهم، لاسيما من الفصائل المرتبطة بإيران بشكل مباشر، مثل عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله، وسواهما.

أبو عزرائيل!!
وقد سعت بعض الفصائل الشيعية المسلحة إلى إبراز بعض الأسماء وتصويرها كأبطال في ميادين القتال ضد (تنظيم الدولة)، كان من بينهم أبو عزرائيل، وهو مقاتل في صفوف ميليشيا كتائب الإمام علي، وعرف بكونه دائم الظهور الإعلامي والتفاخر بما يعتبرها “بطولات” له، لكن مقاطع فيديو مصورة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي كشفت عن قيامه بارتكاب جرائم إنسانية ذات بعد طائفي، من بينها إحراق بعض الأشخاص وتقطيع أوصالهم.

ويبدو أن كثرة ظهوره في وسائل الإعلام وتركيز الأنظار عليه من دون غيره قد أثار حنق فصائل أخرى وانتقاداتهم، وفي مقابلة مع “وكالة يقين” يقول (سجاد السويعدي) -وهو أحد مقاتلي منظمة بدر- : إن أبا عزرائيل مجرد صناعة إعلامية، ولم تثبت له مشاركة في ساحات القتال، وكان يفضل دائمًا البقاء في الصفوف الخلفية أثناء المعارك.

ويضيف السويعدي، أن كثيرًا من المقاتلين قدموا “تضحيات” كبيرة أثناء قتال تنظيم الدولة، ولم يحظوا بأي تغطية إعلامية، و”نخشى أن تذهب تضحياتهم هباءً بسبب هذا الانحياز”.

وتسهم التغطيات الإعلامية والتفاخر بين الفصائل الشيعية بزيادة الشق النفسي والميداني بين هذه الفصائل، لاسيما وأن بعض المليشيات التابعة لأحزاب كبيرة تمتلك ترسانات إعلامية، تفتقر إليها فصائل أخرى، مما يجعل الأخيرة تشعر بالغبن في التعامل معها رسميًا وشعبيًا، ويدفعها لاتخاذ مواقف أكثر حدة وانفعالًا في التعامل مع بعضها البعض.

نهاية معركة وبداية أخرى
ويتوقع كثيرون أن تكون نهاية المعركة ضد (تنظيم الدولة) مقدمة لمعركة شيعية-شيعية، بعد غياب العدو المشترك، وعدم وجود غطاء سياسي تستند إليه عشرات الفصائل المسلحة، والتي لا ينتمي بعضها بشكل رسمي إلى هيئة الحشد الشعبي، وتعمل في الساحة عبر استقطاب بعض الأموال من جهات سياسية ودينية، ومحاولة فرض هيمنتها ونفوذها في كثير من المناطق.

وقد كانت الرسائل التي بعث بها العبادي عبر تصريحاته واضحة، كما يقول محللون في قضية التعاطي مع ملف ميليشيا “الحشد الشعبي” بعد نهاية المعركة مع (تنظيم الدولة)، ويرى الناشط (عمار الخالدي) -أثناء مقابلته مع مراسل “وكالة يقين”- أن العبادي بعث رسائل غير مباشرة عن حل العديد من الفصائل وإدماجها في مؤسسات الدولة، أو ضم بعضها لتشكيلات تابعة للقوات الأمنية، مما أحدث نفورًا بينه وبين بعض الفصائل، التي تعتاش على “قضية الحشد”.

ويعتبر الخالدي هذه التصريحات مقدمة لصِدام حكومي مع هذه الفصائل، ربما يشبه (صولة الفرسان)، وقد لا تكون هذه المعركة بعيدة، خاصة وأن الفصائل المرتبطة بإيران بدأت في تصعيد لهجتها ضد العبادي؛ متهمة إياه بالتخاذل والرضوخ للمشروع الأمريكي، وأخذت تشن عليه حملات إعلامية مكثفة، رد عليها العبادي بتصريحات مبطنة، اتهم فيها “البعض” بإثارة الفتنة ودفع البلاد للرجوع إلى “المربع الأول”، والذي أدى إلى وصول البلاد إلى وضعها الحالي.

ويندهش الزائر للمدن والمناطق ذات الأغلبية الشيعية في جنوب العراق ووسطه، من كثرة اللافتات التي تنعى مقاتلي ميليشيا الحشد الذين قُتِلوا في معارك مع (تنظيم الدولة)، وقد التحق هؤلاء –ومعظمهم شباب- بفصائل الحشد بعد الفتوى الشهيرة للمرجع الشيعي علي السيستاني بما يُسَمَّى بـ”الجهاد الكفائي”، والتي كانت شرارة لتَشَكُّل عشرات الميليشيات الطائفية في العراق.

وخلال أربع سنوات تقريبًا قُتِلَ عشرات آلاف المقاتلين من هذه الحشود، مخلفين وراءهم آلاف الأرامل والأيتام، مما أسهم في خلق أزمات اجتماعية في المجتمع الشيعي العراقي، خاصة وأن معظم هؤلاء القتلى هم من طبقات فقيرة، ولم يتركوا وراءهم معيلًا لأسرهم، كما أن هناك جدلًا كبيرًا حول الضوابط التي تنطبق على “الشهداء” المشمولين بالرعاية من قبل الدولة.

الأزمة مع الأكراد
ويقول الصحفي (حسن النائلي) لـ”وكالة يقين”: إن من حسن حظ الأحزاب الشيعية الحاكمة أن الصراع مع إقليم كردستان قد نشب حاليًا، مما يعني أن هذا الصِدام ربما يتأخر قليلًا حتى انجلاء الموقف، لكن ما يمكن أن يحول بوصلته نحو الداخل الشيعي مرة أخرى هو موقف التيار الصدري الذي يبدو حتى الآن أكثر تفهمًا لما يُقْدِم عليه رئيس الإقليم مسعود البارزاني، لذا لم يُسَجَّل على الزعيم الشيعي انتقاد واضح، أو تجريح بالموقف الكردي، حسبما يرى.

ويؤكد النائلي للوكالة، أن هناك احتقانًا كبيرًا بين بعض الفصائل الشيعية المسلحة، لاسيما بين سرايا السلام من جهة، وبدر والعصائب من جهة أخرى، خاصة وأن جمهور التيار الصدري يرون أن قيسًا الخزعلي ليس أكثر من منشق عن التيار، استقطب إليه آلاف الأتباع، بعد أن استفاد من الغطاء الذي وفره له مقتدى الصدر في سنوات الاحتلال الأولى.

وتنتشر في بعض مواقع التواصل الاجتماعي أناشيد لرواديد صدريين ينتقصون من الخزعلي وجماعته، ويعتبرونهم خونة ومنشقين، ويمكن قياس حجم التنافر بين الطرفين من خلال آلاف التعليقات التي تتبادل الشتائم والسباب، لكن النائلي يرى أن هناك قرارًا إيرانيًا بعدم الصِّدام الداخلي، خاصة في هذه المرحلة التي يتعرض فيها النفوذ الإيراني في العراق إلى بدايات “حصار” أمريكي، وهو ما سيؤجل الصِّدام بينهما حتى إشعار آخر، وفق ما يرى.

تحالفات جديدة
وبسبب قوة الاستقطاب بين الأطراف الشيعية بدأت الهوة تتسع بين ما يمكن اعتبارهما تحالفين جديدين، هما العبادي والصدر وبعض الأطراف الصغيرة، مقابل معسكر المالكي ومن معه من صقور الحشد كالعامري والخزعلي وآخرين.

لكن رئيس كتلة الأحرار (ضياء الأسدي) في تصريح له، يقول: إن الوقت ما زال مبكرًا للحديث عن تحالفات انتخابية؛ لأن التيار ما زال “يراقب” أداء رئيس الوزراء حيدر العبادي، ومدى التزامه بالعهود التي قطعها على نفسه بمحاربة الفساد واستقلال القضاء والقضاء على الانفلات الأمني، على حد قوله.

ويعتبر الأسدي أن الأصوات التي انتقدت زيارة الصدر للمملكة العربية السعودية تريد أن يبقى العراق في حالة خصومة دائمة مع جيرانه، رغم كل ما جره ذلك على البلد من عزلة وتدخلات في شأنه الداخلي، وما يمكن أن يقدمه التقارب مع هذه البلدان من استقرار أمني واقتصادي على المدى البعيد.

وكانت زيارة الصدر للرياض قد أثارت جدلًا كبيرًا في الأوساط الشيعية، وانطلقت حملات اتهمت الصدر بـ”خيانة المذهب” والتحالف مع “الوهابية”، وشنت الصفحات الموالية للمالكي والخزعلي في مواقع التواصل الاجتماعي حملات تسقيط كبيرة بحق زعيم التيار الصدري، وَرَدَّ عليهم الصدريون بحملات تضمنت تصريحات ومقاطع فيديو للمالكي وهو يتحدث عن الانفتاح على الخليج، وتقارير عن العلاقات التي تجمع إيران بدول الخليج ومن بينها السعودية.

ويشيع أنصار المالكي أن الصدر قد انحاز إلى المحور الأمريكي، الذي يدعو إلى تقليص نفوذ إيران في العراق، وتقليم أظافرها المتمثلة بالمليشيات الطائفية، فيما ينفي أنصار التيار هذه الأنباء والتحليلات.

“الحكمة” يراقب عن بعد
وبين هذين القطبين الرئيسين في المشهد الشيعي الحالي؛ يبدو المجلس الأعلى وتيار الحكمة المنشق عنه خارج هذه اللعبة حتى الآن، فيما يعتبره البعض مراقبة للساحة السياسية من أجل الانحياز للطرف الأكثر تأثيرًا.

ويقول الناطق باسم تيار الحكمة (نوفل أبو رغيف) في تصريح له، أن تيار الحكمة غير معني بالإصطفافات بين الأطراف المختلفة، وأنه سيسعى خلال الفترة المقبلة إلى تقديم “نموذج مختلف” من الأداء السياسي، على حد قوله.

وحول الانشقاق عن المجلس الأعلى اعتبر أبو رغيف أن المرحلة الحالية تتطلب خطابًا مختلفًا، وأداءً سياسيًا “يقترب من الجمهور” بشكل أكبر، معتبرًا أن تياره الجديد لن يتخذ قرارًا بالتحالف مع أي طرف من دون الاتفاق على برنامج سياسي مقنع، وأن حالة الانقسام الشيعي هي “حالة صحية” على حد قوله؛ لأنها تعني أن هناك تداولًا للرأي وعدم الجمود على اختيارات سياسية معينة.

لكن مراقبين يرون أن الحكيم اختار إعلان تياره الجديدة، مستغلًا حالة الخصام الشيعي الداخلي، وسخط الشارع على الأحزاب الطائفية، محاولًا تصوير نفسه حركة ذات بعد “مدني”، وبريئة من خطايا المرحلة الماضية، لكن الجمهور لن ينخدع مرة أخرى، على حد قولهم.


صفقة حزب الله تفجر الخلافات
وقد فجرت صفقة حزب الله مع (تنظيم الدولة) صراعًا داخليًا شيعيًا كبيرًا، تلته اتهامات متبادلة بـ”خيانة دماء الشهداء” والانحياز إلى القضية المحلية على حساب المشروع الشيعي العالمي، مما أسهم في تراجع شعبية حزب الله في الشارع العراقي، وحملة من السباب والشتائم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي.

وانعكس ذلك بشكل مباشر على قيادات الحشد الشعبي، وساهم في تراجع شعبيتهم وتصاعد الانتقادات بحقهم، ويرى محللون سياسيون أن أسهم التيار المرتبط بإيران ستتراجع في الانتخابات القادمة.

ويقول الناشط (حيدر آل دبس) لـ”وكالة يقين”: إن هذه القيادات باعت “ولاءها” لإيران من دون مقابل، وانتهكت سيادة البلاد، ولم تحافظ على استقلالها، بل جعلتها ذيلًا للولي الفقيه، على حد قوله.

ويرى آل دبس أن صفقة حسن نصر الله – أبو بكر البغدادي –كما يسميها- ستدفع إلى ولادة خطاب شيعي مستقل عن إيران، ربما يواجه مشاكل كثيرة في بداياته لكنه سينال ثقة الشارع إن أحسن اختيار النماذج التي تمثله، وكان جادًا في حربه على الفساد والقمع الحكومي.

لكن البعض يعتبرون هذا الخطاب متفائلًا أكثر مما يجب؛ لأن طهران تحكم السيطرة على مفاصل الدولة العراقية، ولا يستطيع أي تيار شيعي الخروج عليها، لأنها ستعيده إلى “بيت الطاعة” رغبًا أو رهبًا، ويعتبر الناشط (علي حميد) كل محاولات صناعة “خطاب شيعي عراقي” محكوم عليها بالفشل مسبقًا، ما دامت أحزاب التشيع السياسي ترهن قرارها بمباركة الولي الفقيه.

ويضيف حميد –خلال مقابلته مع مراسل “وكالة يقين”- قائلًا: إن التجربة أثبتت خلال الأربعة عشر عامًا الماضية أن إيران قادرة على “كسر ذراع” كل من يفكر بالخروج على إرادتها، و”تمريغ أنفه بالوحل”، كما فعلت سابقًا مع مقتدى الصدر، الذي حاول التمرد عليها قبل سنوات، فشقت تياره وأضعفته حتى أعلن ولاءه مجددًا، حسبما يقول.

خلافة السيستاني
ومنذ سنوات الاحتلال الأولى يلعب المرجع الشيعي علي السيستاني دور “الأب الروحي”، و”الخيمة” التي تستظل بها الأحزاب والشخصيات الشيعية المستقلة، وكان لتوجيهاته دور كبير في الحفاظ على وحدة الصف الشيعي في أحلك الأزمات التي مرت بها الطائفة، بالإضافة للدور الإيراني في ذلك، لكن الكثيرين يتوقعون أن غيابه سيحدث فراغًا كبيرًا في الساحة المحلية، وسيفتح الباب بشكل واسع أمام صراع الأحزاب والمليشيات المسلحة لشغل الفراغ الذي سيخلفه، فضلا عن الرغبة بالاستحواذ على الميزانية الضخمة التي تتمتع بها الحوزة الشيعية.

ويرى الباحث (حيدر الجوراني) أن السيستاني يمثل “صمام أمان” للشيعة في العراق، وكان لوجوده دورًا كبيرًا في منعهم من الانجراف نحو الشقاق والتصادم، لكنه غيابه قد يدفع تلك القوى إلى الانغماس في صراع عنيف على خلافته، خاصة وأن إيران لوحت بشكل غير مباشر عن وجود خليفة جاهز في حال وفاة السيستاني.

ويقول الجوراني لـ”وكالة يقين”: إن زيارة محمود الشاهرودي للعراق لم تأت من فراغ، وإنما كانت تمهيدًا لشغله منصب المرجع الأعلى للشيعة، وهو ما سترفضه قوى عراقية، تظن أن لها حقًا في هذا المنصب، مما قد يولد حربًا شيعية – شيعية.

وهكذا تمضي مسيرة شيعة العراق في محيط متلاطم بالحروب والصراعات، وقد تورطت القوى الشيعية خلال السنوات الماضية في نزاعات إقليمية، كما حدث في سوريا، وهو ما زاد من حجم النقمة عليهم في الوسط العربي الإسلامي، وصنع لهم أعداءً جددًا، كما أن وصول قيادات جديدة إلى سدة النفوذ والتأثير في المملكة العربية السعودية وانفتاحها على العراق، سيسرع من تفكك التحالف الشيعي تبعًا للعروض الجديدة التي ستقدم لهذه الأطراف، مع تزايد الحديث عن صفقات إعمار وتنمية كبيرة ربما ستكون ساحتها المحافظات الجنوبية، مما يجعل التقارب مع المحور العربي الجديد أكثر فائدة وجدوى من الحلف الإيراني، والذي لم يكسب شيعة العراق منه سوى الحروب والأزمات.
نشر :

نموذج الطلب

 تم إرسال الطلب بنجاح، وسنقوم بالتواصل معكم في أقرب وقت ممكن.
خطأ: برجاء إعادة المحاولة