محاربة حزب الله لعلماء الدين الشيعة (3): معاناة الشيخ عبد الحسن صادق
باقر صوفان
حزب الله نصَّب نفسه قاضياً على علماء الدين الشيعة ليحاسب ويحاكم العلماء منتحلاً صفة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى المغلول اليد، والذي إليه تُعهد قانوناً وشرعاً وعرفاً مهمة محاسبة ومراقبة علماء الدين الشيعة في لبنان بالدرجة الأولى. لكن حزب الله من خلال سلطته وحكومته في المناطق الشيعية صادر كل صلاحيات المجلس الشيعي رئاسة وأعضاءً فهو يُعطي لنفسه الحق بملاحقة من يشاء من العلماء وبتطويق هؤلاء بالدعاية المضادة والإشاعة كما يحلو له دون حسيب أو رقيب ويُفسِّق من يشاءُ ويكفر من يشاء بيده الملك وهو على كل ذلك قدير.
ويتخذ القرارات بحق الكثير من علماء الدين التي قد تصل لحد الأمر بقطع الطريق لبعضهم ولمنع البعض من دخول بعض دور العبادة والمناطق اللبنانية، وبرفع الصفة الدينية كلياً عن آخرين من علماء الدين من الذين لا ظهر لهم، وذلك بعد أن يكيل لهم شتى أنواع التهم والافتراءات لمجرد وقوف هؤلاء في وجه سياساته الجائرة العدوانية .. بل أعطى لمحازبيه الحق بالدخول على غرفة نوم إحدى زوجات أحد علماء الدين الشيعة في برج البراجنة وحمل هذه المرأة من على سرير نومها وإلقائها على الأرض وكان من جملة المقتحمين للدار المدعو : “ح . ب ” والذي يوظِّفه الحزب لكل أنواع الأذى والعدوان في محيط مسجد الرمل العالي في منطقة برج البراجنة، ولكل ذلك كانت هذه الحلقات من مظلومية علماء الدين الشيعة في لبنان..
ونحن سنذكر في هذه المقالات أبرز الاعتداءات ونترك للأمة متابعة بقية التفاصيل والملفات التي لا تخفى على المتتبع والمهتمين بالشأن العام، فكل المناطق الشيعية تشهد على وجود هذه الاعتداءات وكل قرية وبلدة ومدينة فيها ما فيها من القصص المشابهة بالأخص في ناحية ترويج الدعايات والإشعاعات ضد علماء الدين الشيعة غير السياسيين أو الناقدين لسياسات حزب الله في التعاطي مع الشأن الشيعي والشأن العام المحلي والإقليمي والدولي..
ونحن لا نقول بعصمة علماء الدين فالعصمة لأهلها والمغيب القائد السيد موسى الصدر كان يقول: “أنا جهاز أخطأ وأصيب ” لكن من الذي أعطى حزب الله الحق لمحاسبة العلماء؟ ومن الذي سلطه على رقاب الخلق؟ أليست عدوانيته سبباً في كره بعض الناس للدين؟ ونحن لدينا ملف ما يقرب من ألف معمم تعرض لمختلف أنواع الأذى من هذا الحزب في الداخل والخارج وكأنه يريد أن يعيش في لبنان تجربة محكمة الروحانيين في إيران والتي أبطلها الرئيس الأسبق الدكتور السيد محمد خاتمي وقال بعدم شرعيتها وقانونيتها لتحاسب علماء الدين وتفرض عليهم الإقامة الجبرية والسجن والقتل والنفي وما شاكل ..
فبالرغم من بطلان نهج محاكمات محكمة الروحانيين الإيرانية، حزب الله يمارس نهجها في التعاطي العملي مع علماء الدين الشيعة كأنه يريد أن يستنسخ النظام الإيراني بقبائحه لا بحسناته ليطبقه خارج إيران. ولما خطط الحزب للسيطرة على المرافق الدينية في مدينة النبطية وجوارها وجد مفتي النبطية الحالي العلامة الشيخ عبد الحسين صادق حجر عثرة أمامه لما للشيخ صادق من إرث تاريخي علمائي، فجده الأعلى هو العلامة الشيخ عبد الحسين صادق الكبير، مؤسس الحسينية الكبرى في مدينة النبطية التي تعتبر الآن سادس أكبر حسينية شيعية من حيث المساحة في العالم. وابن الشيخ عبد الحسين هذا هو المرجع الراحل الشيخ محمد تقي صادق الذي كان مرجع العامليين في زمانه وولده والد الشيخ صادق الحالي هو العلامة الشيخ جعفر صادق.
فأسرة آل صادق لا يمكن إلغاؤها بسهولة والقضاء على تاريخها في مدينة النبطية والجوار ولكن الحزب عمد إلى إضعافها بالتشكيك في قدسية المفتي الحالي عبر إحاطته بشتى المشاكل واتهامه بعدم تأدية دور إمامة المدينة، وحاول الحزب تقريب بعض المعممين الحزبيين منه ليخلفوه في إمامة المدينة ويسحبوا البساط من تحت قدميه ولكن المفتي الحالي تنبَّه للمكيدة فتحالف مع حركة أمل ليحفظ وجوده ووجود أسرته التاريخي في المدينة.
وبعد أن كانت أنشطته مستقلة في المدينة والجوار غدت محصَّنة بالغطاء الحزبي وأصبح العدوان عليها ينذر بفتنة شيعية شيعية. وما زالت المحاولات مستمرة لإضعاف هذا الشيخ وقد بدا ذلك واضحاً في هجوم حزب الله على خطباء مجالسه الحسينية سيما الخطيب الشهير العلامة الشيخ عبد الحميد المهاجر في السنة التي قرأ فيها الشيخ المهاجر في شهر محرم في حسينية النبطية الكبرى فقد بلغت افتراءات الحزب لدرجة اتهمت الشيخ المهاجر بالعمالة للمخابرات الأمريكية لمجرد أن الشيخ المهاجر فضَّل شهداء كربلاء على جميع الشهداء! وبلغ الأذى قبل الشيخ المهاجر،أن قام أحد المحازبين بالاعتداء المباشر باليد على عمامة أحد خطباء مجالس الحسينية المذكورة لأن هذا الخطيب أبدى رأياً فقهياً يجيز التطبير.. ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
5/
نشر :
نموذج الطلب
تم إرسال الطلب بنجاح، وسنقوم بالتواصل معكم في أقرب وقت ممكن.
خطأ: برجاء إعادة المحاولة