ما يحق لـ«نصرالله» لا يحق لغيره!
علي الأمين
تزكم روائح النفط السياسية، المنبعثة من سفينة نصرالله الإيرانية، أنوف اللبنانيين الغارقين في طوابير إذلالهم الممنهج أمام المحطات، ومشاعر الكفر بطغمة مافياوية تحكم بإسم الكارتيلات و الصفقات والمحسوبيات، سلطة نهبت اللبنانيين، و تمعن في هدر أموالهم وجنى عمرهم على “دعم مزعوم”، يدفعون ضريبته من عرق جبينهم وأعصابهم، ويتحسرون على تهريبه على مرأى منهم!
المواد المدعومة من قبل الدولة اللبنانية، بلغت كلفة دعمها في شهر تموز ٨٠٠ مليون دولار، بحسب ما قاله حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ولم يصدر بالمقابل اي تشكيك او نفي، من قبل اي جهة تكذب ما قاله سلامة.
والمفارقة “المريبة”، أن جلّ هذه المواد المدعومة هي من المشتقات النفطية، كما أن رقم الدعم هذا، غير مسبوق في تاريخ الاستيراد اللبناني، و يدلل على ضرب “الرقم القياسي”، في كمية الاستيراد للمشتقات النفطية خلال شهر، ليرتفع الى حدوده القصوى، مقارنة مع اي شهر من اشهر الأزمة أو قبلها.
الأزمة ليست أزمة نقص المشتقات النفطية المستوردة، إنما هي أزمة تهريب وتخزين سياسي مافياوي بالدرجة الأولى وسرعان ما يشي هذا الأمر، ومن دون تردد،أان “حصة الأسد” من هذه المواد، تخضع للتخزين والتهريب، وهذا وما كشفه الجيش عبر بياناته المتلاحقة، عن ضبط مخابئ للتخزين غير شرعي تمت مصادرتها أو بيعها، وهي لا تشكل إلا الجزء القليل من الكميات المهربة، أو تلك المحمية من قبل، جهات ميليشيوية، قادرة أن تمنع الجيش من مصادرتها، بل حتى الكشف عليها.
رغم تدفق الكميات الهائلة من مادتي المازوت والبنزين التي يفترض أنها أغرقت السوق اللبناني، إلا أن الأزمة بقيت بل اشتدت، ولم تخفف الكميات التي صادرها الجيش من محتكرين، وقام بتوزيعها على المستشفيات وأصحاب المولدات، أو تلك التي فرض بيعها في محطات الوقود، من حدة الأزمة ولا حدّت من تنامي طوابير السيارات في كل المناطق المتعطشة لمادة البنزين، ولا من التقنين القاسي، الذي يزداد قسوة من قبل أصحاب المولدات الكهربائية.
انطلاقا من هذا الواقع، يتبدى أن الأزمة، ليست ازمة نقص المشتقات النفطية المستوردة، إنما هي أزمة تهريب وتخزين سياسي مافياوي بالدرجة الأولى، وكذلك هي عملية نهب منظمة بقوة تحالف الميليشيا والمافيا، المتمثلة بالمنظومة الحاكمة، والتي يقف “حزب الله” على رأسها ومصدر حمايتها الأقوى.
سفينة النفط الإيرانية تأتي في سياق عملية النصب السياسي والمافيوي الذي يتعرض له اللبنانيون! عملية النصب التي يتعرض لها اللبنانيون مكشوفة ومدمرة، و سفينة النفط الإيرانية التي أعلن أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله عن انطلاقها الى لبنان، تأتي في سياق عملية النصب السياسي والمافيوي الذي يتعرض له اللبنانيون، ذلك أن المشكلة كما يتضح، ليست نتيجة حصار مزعوم على لبنان، ولا بكمية النفط الذي يستورده لبنان، ولا في أزمة وصول النفط المتاح والمبذول، كما تشهد السفن المحملة بالمازوت والبنزين على الشاطئ اللبناني.
المشكلة تكمن في التهريب السياسي المافياوي، والذي يتحمل “حزب الله” المسؤولية الكبرى في تغطيته وحمايته، باعتباره القوة الفعلية على الحدود مع سوريا، و صاحب القرار الأول داخل السلطة والمنظومة الحاكمة، وهي مسؤولية لا ترتبط بكونه مشاركا في التهريب أو غير مشارك، أو غير منظم له، كما يزعم.
“حزب الله” يذهب نحو المزيد من استباحة لبنان عبر المغامرة في توريطه لحسابات إيرانية فقط لا غير! من هنا يجوز القول، أن الباخرة الإيرانية ليست الغاية منها حل المشكلة، ولا يمكن لعشرات البواخر، أن تحل أزمة فقدان المشتقات النفطية، أو أزمة الحصول عليها من قبل المواطنين، هي بالضرورة رسالة إيرانية تعلن فيها علنا، من خلال “حزب الله” خرق الحصار على ايران، ولو بتوريط لبنان في أزمات في غنى عنها، من دون أن يوفر النفط الإيراني الحل للأزمة.
أي أن لبنان سيدفع الثمن لحساب إيران مرتين، مرة من خلال تحمل تبعات دخول النفط الايراني، من دون اتفاق، كما جرى بين العراق وإيران بغطاء أميركي، حيث لم يستورد العراق الغاز الايراني الا بعد موافقة واشنطن، والثمن الثاني، أن وصول النفط الايراني لن يحل المشكلة النفطية في لبنان، طالما أن المشكلة في التهريب.
لذا فإن “حزب الله”، يذهب نحو المزيد من استباحة لبنان، عبر المغامرة في توريطه، لحسابات ايرانية فقط لا غير، هذه المرة لم يقل نصرالله هذه سفينة “حزب الله”، ولا قال إنها سفينة ولاية الفقيه، هو سماها أرض لبنانية، تحدث باسم اللبنانيين رغما عنهم، فيما رئيس الجمهورية “الصامت الأكبر”، وهو يدعي كل يوم انه يقاتل من أجل موقع الرئاسة الأولى، ويدافع عن حقوق المسيحيين في حقه بتسمية الوزراء، ثم لا يستشعر في كلام نصرالله أي انتهاك لموقع الرئاسة، ولا لحقوق المسيحيين فضلا عن اللبنانيين جميعا، على قاعدة “ما يحق “لنصرالله” لا يحق لغيره”! السفينة الايرانية او النفط الايراني ليس هبة ولا مكرمة ايرانية، هي ارض لبنانية كما زعم نصرالله، لعل هذه العبارة تكشف عن واقع لبنان السفينة المخطوفة، من قراصنة بهدف مقايضتها بفدية لا يريد احد ان يقدمها، فيما ركاب السفينة امام خيار الغرق او الموت جوعا.
نشر :
نموذج الطلب
تم إرسال الطلب بنجاح، وسنقوم بالتواصل معكم في أقرب وقت ممكن.
خطأ: برجاء إعادة المحاولة